عاجلها الموت قبل ان ..........!!!!!

 عاجلها الموت قبل أن تكمل حوارها لمجلة رؤى .... معلمة ثانوية سعوديه


 سجلت اعترافاتها بخط يدها لان المرض أعجزها عن الكلام....
لكن ماذا قالت قبل موتها بدقائق..((أرجوك لاتخبري أمي...))


 ابن خالتي نقل لي الايدز بعلاقة غير شرعيه.................




للحياة وجه اخر قبيح..يشبه الموت..يتجرع البعض منها مرارة النظر اليه ليل نهار ..والبعض الاخر مازال يعتقد إن الحكايات المرسومة على تجاعيد هذا الوجه القبيح..مجرد أساطير وخيالات يرويها البعض ليشوهوا بتا وجه الحياة الجميل.......

وبين هؤلاء..وأولئك..مسافات شاسعه من الالم..والوجع..والحزن..والمرارة..والموت..
((ف.م)) شابه سعودية في السابعه والعشرين من العمر،لايشكل الربيع في واقعها سوى تعبير عن المرحله العمريه التي تحياها،وباقي ملامحها الحقيقيه ترسم خريفا قاتم الملامح ، جسدها المتهالك فوق سرير المستشفى حيث هي راقده منذ اسبوعين يتعلق بأطراف انبوب رفيع يمتد من داخل فمها حتى جهاز التنفس الاصطناعي مستجديا َ عبره زخات من الهواء النقي والذي لم تعد رئتاها قادرتان على توفيره لها . من داخل عينيها تشع نظرة فزعة في قوة تتناقض والضعف الذي يلف باقي جسدها . ((أن تُرسم حدود الحياة ونهاياتها بهذه الصوره المرعبه لهو امر بالغ الصعوبه ، لم اكن ميقنة وانا اتجه نحوها. مما يمكن إن يقال او يحدث في لقائي معها اشاحت بوجهها الى الناحيه الاخرى حيث تقف والدتها بقرب السرير الاخر في الغرفه... وهي سيدة كبيرة في السن ، ملامح الأسى على وجهها الاسمر ، قالت لي إن ابنتها لا تقوى على الكلام فسألتها..


كيف هي حالتها الصحية الان؟
بخير والحمد لله..لكنها لاتستطيع الاكل ابدا..وهي تعيش على السوائل فقط وهذا يضعفها جدا.

وماذا قالوا لك الاطباء عن حالتها؟
قالوا لي انها مصابة بالتهاب رئوي حاد .. او سل لا أعرف بالضبط .. او درن في الرئه .. هكذا يقولون لنا.

وماهو سبب دخولها المستشفى؟هل اشتكت من شيء معين؟

نعم .. فهي تشكو من آلآم شديده في صدرها .. وكحه((سعال شديد)) منذ مده .

كم مضى لها على هذه الحال؟
من رمضان الماضي تقريبا ((اي مايقارب خمسة اشهر تقريبا))

هل عرضتموها على الطبيب من قبل؟
نعم ..كانت كلما اشتكت من الالام تاخذها للطبيب في منطقتنا ..فيصف لها الدواء..ويقول انها تعاني من التهاب في الصدر او انفلونزا.

هنا توقفت الام عن الحديث وسألتني في نبرة استجداء ، ((ايش قالوا لك الدكاتره؟))،((ايش عندها؟))... ودُهشت لانني لم اكن متاكده من علم الام بحقيقة مرض ابنتها وفي حيره لم استطع اجابتها بغير((إن شاء الله خير ياخاله .. ادعي لها)

وسالتها من جديد:
كم عدد ابنائك ياخاله؟
قالت لي ست بنات وتسعه اولاد..توفي بعضهم وال\بعض الاخر متزوجون....

وهل والدهم على قيد الحياة؟
لا...لقد توفي منذ زمن طويل.

وماهو ترتيب ((ف)) في ابنائك؟
قي الوسطى تقريبا.

وهل اكملت دراستها؟
نعم.. وقد تعينت منذ سنه معلمة في مدرسة ثانويه..
وهنا عقبت الام وعينها على ابنتها..المسكينه لطالما كانت تعيلني انا وإخوتها وتعاونني على تكاليف الحياة ، حتى قبل ةظيفتها في المدرسة كانت تعمل في وظائف مؤقته وتعينني .

وهمست لها سائله((هل تعرفين حقيقة مرضك؟)) فهزَت رأسها ايجابيا .. ثم وضعت يدي فوق يدها الملقاه على طرف السرير بجانبهاوربتَ على رأسها بيدي الاخرى محاولة مني لطمأ نتها كي تتقبل الحديث معي.. وسرعان ماأبدت تجاوبا معي بإشاره منها لوالدتها فهمت منها انها تريد قلما كي تجيبني كتابةً ، فهي غير قادره على الكلام .. وعندها بدأنا انا وهي نتجاذب اطراف السطور.
هل انت متزوجة؟
أومأت نفيا.

متى اكتشفت انك مصابة بالإيدز؟
منذ سنتين.عندما توفي ولد خالتي.

هل كان مصابا؟
أومأت إيجابا.

وكيف أصيب بالعدوى؟
أشارت بيدها ((توشيحا في الهواء)) .

هل كان يسافر؟
اجابت بإماءة إيجاب مره اخرى.

هل كنت على علاقة غير شرعية معه؟
أومأت إيجابا ايضا.

وكيف تأكدتي من إنتقال العدوى لكي؟
بإحساسي فقط.. شككت بعد انا علمت بإصابته بالمرض وبعد إن توفي.

هل صارحتي احد من اهلك؟
زوج اختي الكبيرة ..لانه رباني.

هل أخبر احدا من العائله؟
اجابت نفيا.

ثم سألتني((كاتبه)) هل علم احد من اخوتي؟
اجبتها لا اعلم.

سألتها، بعد إن فتحت عينيها من اغماضة لثواني، ربما كي تستجمع تلك القوة داخلها لتستمر في حديثها معي.. وسألتها:

هل انت نادمه؟
أغمضت عينيها مره اخرى .. وأومأت برأسها ايجابا.

((ربتَ على راسها ففتحت عينيها من جديد)).. فسألتها:

هل انت خائفه؟
هزَت رأسها ايجابا ، واشارت نحو والدتها.

هل تخافين منها؟
أومأت نفيا.

أتخافين عليها؟
أغرورقت عيناها والتمعت بدموع داخلها.

ماهو احساسك الان؟
((لم تجب بشيء))

ماهو احساسك ، كيف تتخيلين مستقبلك بعد الان؟
فكتبت((مستقبلي طويل إن شاء الله ،لانني انا اساعد امي)).


إلى هنا توقفنا عن الحوار على اثر طرقات الباب ، وكانوا اخوتها في زيارة لها وما إن دخلوا الى الغرفه , وهممت انا بالاستئذان منصرفه ، استوقفتني يد ((ف)) تضغط على يدي وأشارت الى إن اعود لزيارتها مره اخرى غدا..فسألتها:

هل آتي في مثل هذا الوقت؟
فأشارت لي((لا)) قبله.

فوعدتها بأن آتي لزيارتها ظهر اليوم التالي.

ولكن يبدو إن ((ف)) الفتاه الشابه ،والتي كانت تمتلىء مرحا وحيوية في الماضي بشهادة اخوتها والتي كانت تقبل على الحياة باندفاع فرحا ، والتي كانت موعوده بمستقبل عملي مشرق ، والتي كنت على موعد للقاء معها في اليوم التالي قد كانت على موعد مسبق مع غيري .......

حضرت الى المستشفى ..طرقت باب غرفتها .. ولكن أحدا لم يجب .. تذكرت انها لاتقوى على الكلام .. فتحت الباب ودخلت..ولكن سريرها الأبيض كان فارغا ومتوشحا بالسواد... وقفت مدهوشة للحظه..لم ادري هل توشح سريرها بالسواد حزنا على فراقها... ام انه الحزن الذي سمرني مكاني دون حراك.
انتابني شعور خانق بأن القدر قد سبقني الى جسدها النحيل.. وروحها المسكونه بالامل......

صمت رهيب ملأ المكان...حتى شعرت بنبض قلبها الذي ربما يدق في جوارحي من البارحه......

فجأة ..توقف النبض..فانتبهت...

استرجعت نفسي ..تنهدت بعنف.. وقل بصوت عالي:لا...ربما لم تمت..كيف؟ لقد تواعدنا على اللقاء..
همست في نفسي استغفر الله العظيم..

استدرت بسرعه ..وتوجهتالى ((كاونتر)) الممرضات على الفور..

سألت الممرضة:اين((ف))؟
وقبل إن تجيب على سؤالي:كانت عشرات الاجابات الصامته تهمس في روحي:لقد نقلناها الى غرفه اخرى . اخذتها الممرضه لتستحم. في دورة المياه . في غرفة الاشعه . وفجأة قاطعني صوت الممرضه تسألني :

هل انتي قريبتها؟
كأنما كانت الممرضه في بلد بعيد ..وكأنما هبطت لتوي أمامها من اللامكان.. من فراغ سحيق .. وكأنما سؤالها يهز كتفي ليوقظني من سبات عميق...

قلت لها(هاه..انا؟..لالا..انا صديقتها نور))

فقلت لها : نعم انا..لماذا؟
فقالت : منذ إن حضرت ((ف)) الينا.. لم تتكلم ابدا.. اليوم فقط سألت عنك في الصباح كثيرا.....وطلبت منا إن نتصل بك إن كنا نعرف رقم هاتفك..كانت تريد إن تراك بشده...اعتذرنا لها لاننا لانعرف طريقة للاتصال بك وانك لم تركي رقم هاتفك عندنا بالامس .. وقد طلبت منا إن نبلغك رسالة منها

فقلت لها: ماهي؟
قالت: ((تقول لك: أرجوك لاتخبري امي!!)).... وانك اذا جئت ولم تجديها ..فإنها تعتذر لأنها اخلفت موعدها معك!! وانها قد حاولت الاتصال بك لتقديم الموعد لانها تشعر بأن بعد الظهر متأخر جدا!!!)) واليوم قبل الظهر ماتت!!!!!!!!!! لم اسمع من كل حواري مع الممرضة سوى هذه الكلمه..((ماتت))..توقف كل شيء ..لم ابك كما بكيت لحظتها..لم احزن كما حزنت على رحيلها..لم احرص على موعد... كما حرصت على موعدي معها..لكنها اعتذرت... لم ترحل بصمت...تكلمت قبل رحيلها الاخير... لم تشأ إن تشوه حزن امها عليها .. لم ترد لهذا الفيروس اللعين إن يغتال طهارة بكائها على فلذة كبدها..وسندها.... وعائلها في هذه الحياة.... لم ترد جرح كبريائها الذي عاش مفتخرا بتربية ابنتها طيلة سنوات عمرها الغض القصير ...بأن ابنتها التي كانت تراها بمائه رجل..وبألف امل ... وبمليون رجاء إن تعود.....
((ماتت))...ولو ترد إن تدنس كبرياء حزن امها التي لم يحن هامتها الزمن المر بـــ((خطيئة)).. بفاجعة دنست جسد ابنتها الطاهر بماء خطأ....غير شرعي....
ماء خلقه الله ليهب الحياة ....فوهب ابنتها الموت.....
((ماتت))... وارادات لقلب امها المكلوم إن يأخذ فيها عزاء طاهرا... في عالم لاعزاء فيه للخاطئات....ولاكفن يستر الخطيئه....
((ماتت)).. قبل إن تخبرني بكل مافي نفسها..ماذا كانت تريد إن تقول لي..اعتذار للحياة ؟!! اعتذار لورحها؟! اعتذار لكل شيء؟! ام ماذا.......؟! سؤال لن اجد له إجابة ابدا.......
أعدك يا((ف))...بأنني سأحزن لك دائما........وسأدعوا لك دائما بأن يغفر الله لك....وان يكون ماأصابك في الدنيا قد طهر جسدك الغض.... لتكون روحك طاهرة في الآخره.........وحرة من الذنب.
أعدك يا((ف))..بأن يكون لقاءي القصير معك...رســـــــــــــالة لكل فتاة تسلم روحها للشياطين....وجسدها للذئاب...
أعدك يا((ف))..أأني لن اخــــــــــــــــبر امــــــــك........................

حوار : نور محمود
منقول من :مجلة رؤى
اسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين الستر والعافية في الدنيا والاخره
اللهم آمين